دعاء العواودة
تمتد جذور هذه الإستراتيجية إلى المرجعيات العسكرية حيث تدور حول مواجهة المنافس وقتاله من أجل الاستحواذ على قطعة محدودة من الأرض. في مقابل المحيطات الزرقاء توجد المحيطات الحمراء. المحيطات الحمراء عبارة عن أرض معركة شرسة؛ المنافسة فيها ضروس، تستهلك الخصوم وتلعب بالمؤشرات بشكل جنوني. جاءت استراتيجية المحيط الأزرق لتأخذ بأيدينا نحو واحات غناء ومساحات جديدة هادئة وخصبة.
فما هي النقاط الأساسية المميزة لتلك الإستراتيجية؟
الهدف الأساسي من المحيط الأزرق هو: السماح لأي شخص طموح سواء كان صاحب خبرة أو مستجد على السوق أن يرتقي لمستوى المنافسة بإنشاء محيطه الأزرق بطريقة تعظم الفرص وتقلل الخسائر. بشرط أن لا تكون المنافسة هي محور التفكير الاستراتيجي يعني أن لا نجعل المنافسة هي من تقود استراتيجياتنا وتتحكم بمصيرنا؛ لأن التركيز على المنافسة بشكل مبالغ فيه يبقي الشخص في المحيط الأحمر. ما يميز الناجحين عن الفاشلين في إنشاء المحيطات الزرقاء هو الاستراتيجية
فالأشخاص الذين اتبعوا المقاربات التقليدية علقوا بالمحيطات الحمراء واستنزفهم التنافس الشديد. فكافحوا في هزيمة منافسيهم عبر انشاء مواقع محصنة ولم يلتفتوا للمحيطات الزرقاء المنافسة كنقطة إرشادية ليهتدوا بها. المقاربات التقليدية : يعني المعالجة التقليدية للأمور. في الغالب يستخدم الأشخاص الطموحين استراتيجية تدعى (ابتكار القيمة) وهي حجر الزاوية لاستراتيجية المحيط الأزرق ومفادها: “التركيز على إبعاد المنافسين بدلًا من هزيمتهم” وذلك بإحداث طفرة بالقيمة المضافة. أي (إنشاء مساحة جديدة لا يمكن منافستك عليها).
يقال: عندما تتشابه علامتك التجارية مع غيرك فسيلجأ العملاء إلى الأسعار للمقارنة بينكم؛ فيكون السعر هو المتحكم في العملية عوضًا عن القيمة. لذلك؛ كان من الضروري بمكان أن تحتل منزلة تليق بك في سماء مليئة بالنجوم بشكل يضمن أن تبقى مشعًا وبراقًا كنجم الشمال فيهتدي لك الناس. القيمة والابتكار -عند الطموحين- وجهان لعملة واحدة؛ فالقيمة بدون ابتكار تميل للتركيز على إنشاء القيمة بشكل تصاعدي تتحسن القيمة ولكن لن يجعلك ذلك تتميز عن البقية. القيمة المضافة (أي: الابتكار) يعني أن تضيف قيمة أو خدمة غير موجودة عند الغير، وإنشاء مساحة جديدة لا يمكن أن ينافسك أحد عليها وذلك بأن تلعب بذكاء في مؤشر السعر زائد القيمة. السعر مادي دائمًا أما القيمة فهي تدخل في مستوى الخدمة أو الجودة أو المادة. إذًا (المبدأ الأول) في استراتيجية المحيط الأزرق هو “إعادة إنشاء الحدود للتحرر من المنافسة”.
هناك 3 سمات للاستراتيجية الجيدة:
1.التركيز.
2.الاختلاف.
3.الشعار المقنع.
1- : لكل استراتيجية عظيمة بؤرة تركيز ، تظهر هذه البؤرة في الإطار العام الإستراتيجي للشركة أو في منحنى القيمة وبما أننا نتحدث عنا كأشخاص ؛؛ فبؤرة التركيز تظهر في القيم التي يحملها كل شخص فينا. من القيم تظهر العوامل التنافسية. من هنا يمكن أن نؤكد بأن البنية التنافسية لا تُفرض بل يمكن تشكيلها. الفاشلون يؤمنون بأن البنية التنافسية شيء ثابت فيضعون استراتيجياتهم بناء على هذه البنية المفروضة وبالتالي ينطلقون وفقًا للفرص التي تحددها السوق والتهديدات التي تفرضها تلك السوق أيضًا، ثم يبدأون بالتوفيق بين تلك الفرص والتهديدات وبين نقاط قوتهم وضعفهم. والناتج “مكاسب شخص ما خسائر شخص آخر” لأن الجميع متقيد بالسوق ذو المحيط الأحمر الدامي.
2- :عندما تنشأ استراتيجيتك كرد فعل في محاولة منك لمواكبة المنافسين فإن استراتيجيتك ستفقد بريقها وتميزها.. لتحتل مكانة في سوق العمل، عليك أن تقدم شيئًا مختلفًا عن منافسيك.
3- : لكل استراتيجية جيدة شعار إلزامي واضح المعالم. لا يجب أن يقدم الشعار الجيد رسالة واضحة وحسب، بل يجب أيضًا أن يعلن عن ما يقدمه بصدق وإلا سيفقد ثقة الآخرين واهتمامهم.
أخيرًا.. أردت أن أقول: أن منحنى القيمة لديك يُشكِل شراع استراتيجيتك وهو ما سيمكنك من الإبحار في عالم من التميز والإبداع في محيطك الأزرق الخاص بك بعيدًا عن المنافسات الدامية. رؤيتك أو بؤرة التركيز يجب أن تكون مميزة تناسب الأجواء الساحرة على المحيط الأزرق. وتنفيذك للهدف يجب أن يقدم باختلاف وبأسلوب متفرد ومبدع. المثيرات البصرية للدخول إلى المحيطات الزرقاء
من المهم تعريض ” الرؤية الإستراتيجية ” للشركة للمثيرات البصرية ..
لفتح باب الإبداع أمام شركاء النجاح من الموظفين في المنظمة المنافسة . ويتم ذلك بتطوير استراتيجية الشركة على أساس المسارات الستة لإنشاء المحيطات الزرقاء .. ويمكن أن أوجز تلك المسارات باختصار.. المسارات الستة تنأى بالشركة عن الوقوع في فخاخ المحيطات الحمراء .. وتحميها أو تخرجها من حالة الإنهماك التي يروح ضحيتها العديد من الشركات الناشئة وحتى المعمرة.
المسارات الستة .
المسار الأول :النظر عبر الخيارات والخدمات البديلة . كلنا يعلم أن المنتجات البديلة أكثر اتساعا من المنتجات الإحتياطية . صحيح أن الخدمات والمنتجات مختلفة الأشكال لكنها تؤدي المنفعة او الوظيفة نفسها فهي إحتياطية لبعضها البعض. أما المنتجات البديلة ؛تشمل الخدمات والمنتجات ذات الوظائف والمنافع المختلفة لكنها تخدم الهدف نفسه.
المسار الثاني : النظر عبر المجموعات الإستراتيجية داخل نطاق عملك . باختصار ؛؛مثلما تنشأ المحيطات الزرقاء عن طريق النظر عبر المجالات البديلة يمكنها أيضا أن تنشأ عن طريق النظر عبر المجموعات الاستراتيجية يعني الصناعات الموحدة التي تعمل ضمن استراتيجيات متشابهة بحيث لا تبصر الاختلافات الاستراتيجية الجوهرية بين الشركات. طبعا هذه الشركات أو المجموعات الإستراتيجية تعمل على بعدين فقط : السعر والأداء بمعنى أنها تحدث قفزة في الأسعار مقابل قفزة بالأداء . وهذا يتيح المجال للتنافس أيضا ؛؛ فالسر هنا في إنشاء المحيطات الزرقاء في هذه ( المجموعات الإستراتيجية ) هو : التحرر من الرؤية المحدودة عبر معرفة العوامل التي تحدد قرارات العملاء.. ومثال ذلك :شركات مرسيدس وبي إم دبليو وجاكوار تغلبت على بعضها البعض في صناعة السيارات الفارهة . اما السيارات الإقتصادية ..تتغلب على بعضها البعض في صناعة السيارات الأقل تكلفة . هاتين المجموعتين لا تنتبه أي منهما لما تفعله المجموعة الأخرى .
المسار الثالث: النظر عبر سلسلة العملاء أو المشترين أكبر اختلاف ممكن أن يقع فيه المنافسون هو تعريف المشتري أو العميل . كما نعلم أن هناك سلسلة من العملاء او المشترين :
1. الذين يدفعون المال مقابل المنفعة
2. المستخدمين الفعليين
3. المؤثرون في عملية الشراء
رغم ان هذه المجموعات تتقاطع فيما بينها إلا أنها ..
المسار الرابع :النظر عبر المنتجات التكميلية وعروض الخدمات .حيث تستخدم قلة من المنتجات والخدمات في معزل عن غيرها ..وعادة ما تختفي القيمة غير المستغلة في المنتجات والخدمات التكميلية والسر وراء ذلك ؛؛ ( أن العملاء عادة يبحثون عن الحل الكامل عندما يختارون منتجا أو خدمة بعينها ) . بمعنى آخر ..التفكير من منطلق حل المشكلات الكبيرة التي تتضمن الحلول العامة للعميل . مثال ذلك .. شركة فيليبس فكرت في حل مشكلة المياه عن طريق إنتاج غلاية شاي تحتوي على مرشح ينقي المياة من الكلس ..فاستمتع بعدها البريطانيون بشرب أكواب الشاي بدون كلس يسبح على سطحها . إنها استراتيجية الحلول الكاملة.
المسار الخامس :النظر عبر الجاذبية الوظيفية والعاطفية للعملاء كثير من الصناعات والخدمات تتنافس على أسعار المنتجات وتعتمد على حساب المنفعة .دون النظر إلى جاذبية المنتجات هناك خطأ شائع قد تقع فيه الشركات، يتمثل في أمرين..
1. بعض الشركات تركز على الجوانب الوظيفية للمنتج وتهمل الناحية العاطفية ومدى إضافة لمسات جذابة على المخرج.
2. وشركات أخرى تركز كثيرا على النواحي العاطفية والإضافات التي تزيد من سعر المنتج دون تحسين وظائفها.
المسار السادس : .وهو يرتبط إرتباطا وثيقاً بالنزعات الخارجية .. والمؤثرات التي تحيط بالمنظمة . الشركات التي تتبع استراتيجية المحيطات الزرقاء ترى في هذه النزعات والتغيرات الخارجية فرصة كبيرة للتكيف والابتكار انهم يتبنون فكرة : ( النظر للقيمة التي تقدمها اليوم إلى القيمة التي ستقدمها بالمستقبل ) هذه الشركات تستفسر مثلا عن الوجهة التي ستسلكها التقنية أثناء تطورها وكيف سيستقبلها الناس وهل يمكن استخدامها على نطاق أوسع ) فيعدلون من سرعة تحركاتهم لمواكبة التطور مع تلك النزعات .
ملاحظة هامة :
تلك الشركات لا تخطط للتعامل مع هذه النزعات بحد ذاتها . بل ( يتتبعون الأفكار العملية عن الكيفية التي ستغير بها هذه النزعات من القيمة المقدمة للعملاء وتأثيرها على نماذج عمل الشركات ). ربما يكون المسار السادس النظر عبر الزمن . من أصعب المقاربات السابقة، لأننا لا نتحدث عن استشراف المستقبل، بل نتحدث عن العثور على نظرة متعمقة في النزعات والتغيرات التي يمكن ملاحظتها والتعامل معها بذكاء وحصافة . وهناك 3 مبادئ رئيسية نستخدمها لتقييم تلك النزعات ، يجب أن تكون تلك النزعات :
• حاسمة
• لا يمكن التراجع عنها
• لها مسار واضح
النظر عبر حدود الزمن .. يجعلك تسأل نفسك ؛( أي الأسواق ستبدو مناسبة إن وصلت النزعة السائدة فيها إلى نهايتها المنطقية العمل بصورة عكسية ؛ بدءاً بهذه الرؤية المتعلقة باستراتيجية المحيط الأزرق سيمكنك من تحديد ما يجب تغييره اليوم من أجل فتح المجال أمام استراتيجية محيط أزرق جديدة غداً.