دعاء العواودة
مدربة ومستشارة تطوير قيادي وتمكين قدرات
ماذا نعني بتقنية التدخل ؟؟
تقنية ( التدخل ) :تشير الى الوقت والطريقة المناسبة لتدخل المدرب في العملية التدريبية . فيما يخص التطبيق أو ادارة الحوارات والنقاشات باﻷخص في التدريب على العلاقات الإنسانية . جدير بالذكر أن التقنيات التي تطبق على العلاقات الإنسانية هي من أصعب التقنيات بالتطبيق ؛ لماذا ؟ ﻹنها تحتاج إلى مهارة عالية و كفاءة. قد يتساءل بعض المدربين والمدربات عن سبب فشل علاقاتهم في إدارة المجموعات وسيدركون مدى الصعوبات الناتجة عن نقص مهارة التدخل المتمثلة في أنشطة النقاش والتقدير واعداد التقارير والتقييم وما إلى ذلك .
مهارات التدخل تتطلب مني أن أعرف :
– متى أتدخل لتقديم المساعدة ؟
– ما نوعية المساعدة المطلوبة ؟
– ما الطريقة التي سأقدم فيها خدماتي ؟
واﻷهم ..
– ما السبب وراء تقديم هذه المساعدة ؟
التدخل فن يحتاج لممارسة وذكاء . هو فن تقدير المسافات ومد يد المساعدة وارتداء الدور المناسب لكل مرحلة من مراحل التدريب . أحياناً يتعرض المدرب الى (خطر ) التدخل في المرحلة الخاطئة ، هنا يقتل عملية التدريب أو التعليم. إنها أشبه بمرحلة * تكوّن الفراشة* .
تخيل لو أنك تتوق لرؤية الدودة المختبأة في الشرنقة كيف ستصبح فراشة ؟ ومن شدة حماسك تريد أن تساعدها للخروج من هذا الغلاف الذي يحيط بها .لو أنك مددت يد المساعدة في هذه اللحظة التي تكابد فيها ” الفراشة ” وتنازع الآلام للخروج للعالم لقتلتها! إنه ” التوقيت الخاطيء ” . تعلم لماذا ؟ لإنك بذلك تكون قد حرمتها من الحاجة إلى النضج واكتشاف الذات .
هذا أخطر ما في التدريب ؛ أن تجعل المتدرب يكتشف نفسه وتجعله ينضج بما فيه الكفاية ليصبح قادرا على التعاطي مع الحياة. كيف سينضج المتدرب إذا لم أجعله يمارس ما تعلمه ، هناك شيء في *التدريب المعرفي* يسمى دور الوسيط . الوسيط هو :ذلك الشخص الذي يؤثر على قوة المعلومات الواردة للشخص الخاضع للتدريب ؛ مسؤول عن تدفق تلك المعلومات واتجاهيتها وأهميتها وحماسها وأثرها.
دور الوسيط يتعدى ذلك ليشمل مساعدة المتدرب على التأمل في التجربة والخبرة للوصول إلى النهاية القصوى في تكوين المعنى وكيف يبنى المعنى وهو ثورة العصر القادم في عالم التدريب ثورة ” التدريب التوجُّهي والقناعي والذهني ” ، يبنى من خلال تحليل المشاعر والبيانات ومقارنة النتائج بالتوقعات ثم إيجاد العوامل السببية وتصوّر كيف يمكن بناء المعنى على المواقف المستقبلية .
هذا هو ” التدريب ” حسنا .. كيف يتعرض المدرب الى خطر التدخل في المرحلة الخاطئة ؟مثلا ؛ عندما يكون اﻷعضاء غير مستعدين للتدخل أو عندما يعتبرون تدخلك مقاطعة فيرفضونه أوغير مناسبة وقت التدخل لتلك المرحلة . بمعنى أنه سيكون له جدوى لو كان في المرحلة التالية. لذلك كان لابد للمدرب أو المدربة اختيار الفرصة المناسبة للتدخل بحيث يحدث بشكل طبيعي بدلا من أن يحدث على شكل مقاطعة ..ومن المهم جدا أن يكون دافع المدرب وراء التدخل هو مصلحة المجموعة أو الفرد وليس ﻹشباع رغباته الشخصية.
بمعنى أن لا يؤدي المدرب دورا سلبيا يحاول فيه السيطرة على المجموعة بل يعتبر نفسه جزءا منها ويفرض رأيه . يعني يمكن له أن يمارس السلطة و يتدخل بطريقة إيجابية وغير منفّرة للحفاظ على دينامية المجموعات وسلاسة العملية التدريبية. يمكن للمدرب أن يستخدم سلطته في حال تخفيف توتر ما حصل بالمجموعة أو لتصحيح مسار النقاش .تعلمون ما الممتع في تعلم هذه *التقنيات* ؟ الممتع والمفيد باﻷمر أنه يمكن لنا جميعا ان نكتسب مهارات التدخل بالممارسة والخبرة والدروس المستفادة. هناك 6 فئات يمكن للمدرب تقديم المساعدة فيها والتدخل قسّمها *هيرون* هذه الفئات تحدد نوعية التدخل وطريقته وتصنف كالتالي :
3 فئات توجيهية
3 فئات تيسيرية
دعونا نستعرض تصنيفات تقنية التدخل وفقا ل ” هيرون “:
1- التدخل *اﻹرشادي*
2- التدخل *اﻹعلامي*
3- التدخل *بالمواجهة*
4- التدخل *المسهّل*
5- التدخل *التحفيزي*
6- التدخل *التدعيمي*
6 تصنيفات مهمة جدا تكاد تكون كالهيكل الذي يدعم عملية التدريب بحيث تتحرك وتنساب بسهولة ويسر . لنتعرف على كل صنف بشكل مفصل ..
- التدخل اﻹرشادي :صراحة هذا الصنف يؤثر على سلوك المجموعة ويؤثر على توجيهها .وهو تقليدي نوعا ما لذلك يفضل من المدرب لو أراد أن يتدخل بهذا اﻷسلوب أن يتدخل بطريقة .. لا يمكن رفضها من قبل المجموعة ولا تسبب له الضرر على اﻷقل عندما تكون الطريقة اﻷخلاقية واضحة من خلال :استخدام كلمات مثل يجب ، ينبغي ، يتعين . ثم يبدأ المتدخل المدرب بسحب السيطرة من المجموعة.هنا يكون التدخل بطريقة اﻹرشاد غير مرغوبة بالذات مع المتدرب الواعي لذا حري بالمدرب تغيير أسلوبه ..
- التدخل اﻹعلامي: في هذا اﻷسلوب نستخدم توجيهات أقل وفيها يقدم المدرب المعلومات للمجموعة بطريقة تمكنهم من تحقيق أهدافها. بشرط أن يحذر المدرب من المغالاة* في تقديم المعلومة بحيث لا يحولها إلى محاضرة فيؤثر بالمجموعة لكن بدون أن يسيطر عليها بشكل مزعج.
- التدخل بالمواجهة: بطبيعة مهنة التدريب فإن المدرب سيواجه معتقدات وسلوكيات وتوجهات قد تكون مغلوطة وشاذة عن موضوع النقاش .هنا ينبغي عليه أن يتدخل بصورة تحدي بدلا من اقتراح المهاجمة أو المبادءة.ولكن بشرط أن لا يتدخل مبكرا أي في حالة أن المجموعة أو الفرد غير مستعد للتحدي. ممكن يكون التدخل على شكل عرض نظرية وتفسير أسبابها والنقاش حولها .قد تعد عملية التدخل بالمواجهة حيث يستخدم المدرب فيها السلطة. من أسهل اﻷساليب على اﻷقل من وجة نظر المدرب ولكن يجب إجراؤها بحذر لتجنب ردود الفعل السلبية.
هذه هي ال 3 فئات التوجيهية، هناك 3فئات تيسيرية .سنأتي اﻵن للأساليب الثلاثة اﻷصعب ؛ وهي التدخلات التيسيرية التي ينبغي فيها للمدرب أن يمتلك مهارات كبيرة لمعالجة اﻵثار المحتملة الناتجة عنها.
- التدخل المسهل :يهدف هذا التدخل إلى تشجيع المجموعة أو الفرد على التعبير عن مشاعرهم سواء كانت مشاعر فرح ؛ حزن ؛ غضب .. الى درجة معينة دون الشعور بالتهديد . مثلا ؛؛ يتم تشجيع الفرد على التحدث من خلال نشاط عن الحدث الذي أثار مشاعره بالسابق أو تمثيل دور ذاتي لقول ما لم يستطع قوله أثناء النشاط . تكنيك يحفظ المتدرب ولا يجعله عرضة للمواجه مع ذاته أمام الملأ ؛؛ بل تجعله لا يحس بالعراء المشاعري أمام الجماهير وهذا مهم ،، لأن رسالتنا في التدريب رسالة إنسانية بالدرجة الأولى. هنا يأتي دور المدرب في فن التدخل . فكلما زاد تعامل التدخل مع مشاعر اﻷفراد زادت اﻷخطاء الواقعة فيه من قبل الميسر . لكن لننتبه الى اﻷخطاء التي قد يقع فيها الميسر بهذا اﻷسلوب ..أن يتدخل الميسر بوقت مبكر جدا في الموقف مع تطلبه لتعبير أعمق عن المشاعر نظرية تكوين الفراشة تذكروها ..في مثل هذه المواقف يجب أن نسمح للمشاعر بالنضوج والاستواء دون تتدخل مبكّر ومباشر أو أنّ الفرد لا يكون مستعدا للتعبير اﻵن أو أن المجموعة نفسها غير مستعدة أو متقبله للفكرة أو ممكن أن *الميسر نفسه* ربما لعدم درايته ينهي التفاعل قبل استيفاء الموقف حقه. اﻷمر اﻷخطر .الخوف من أن يتدخل المتدرب بطريقة خاطئة تزيد من تركيز الفرد بالتمثيل والمغالاة بلعب الدور بدلا من التعبير الواقعي عن المشاعر المكبوتة.
- التدخل التحفيز :يعتبر هذا التدخل بوجه عام مشجع على التعلم والتطور ﻷنه يركز على الذات فيمكن تشجيع الفرد أو المجموعة على التعبير بدقه عما يحدث .فيقدم الميسر بالتحفيز على هذا اﻷسلوب بأن يسترجع عبارات المجموعة واﻷنشطة التي تمت لاختبار اسيعابهم وتيقظهم وشحذ طاقاتهم .فمثلا يتدخل الميسر بتشجيع المجموعة على حل المشكلة أو تحليل الخيارات .الخطورة بهذا اﻷسلوب تكمن في عدم تفسير الميسر لما يحدث بشكل صحيح وبالتالي يقود المجموعة إلى مسار خاطيء . يجب أن يكون المدرب متمكن بحيث يلعب دور الربان ببراعة كي لا تتوه بهم سفينة التدريب لوجهه أخرى .
- التدخل التدعيمي: من أسهل أنواع التدخلات بالنسبة للميسر حيث يقوم باستحسان كفاءة المجموعة وقيمتها وما تقوم به والتأكيد عليها وتأييدها.ويجب اﻹشارة هنا أنه يصعب على المجموعة إدراك هذا النوع من الدعم ..لماذا يا ترى تعلم لماذا لا تلاحظه المجموعة لانه يقدم لهم بشكل خفي على هيئة اهتمام المدرب بما يحدث أو تأييد النشاط الذي قامت به المجموعة أو التعبيير عما يحدث. وكل هذا يشكل نوع من أنو اع الدعم الخفي .وفي حال أن المجموعة تمتلك لخبرة جيدة .. لربما ينضم اليها الميسر ليشاركها مشاعره وخبراته الطيبة أو يكشف عن الحقائق الخاصة به.
في النهاية ؛ تعد التدخلات جزءا حيويا من طريقة المدرب أو الميسر لمساعدة المجموعة من التقدّم خلال عملية التعلم. صحيح أنه توجد مخاطر لكل دور من تلك اﻷدوار ولكن التنازل عن تلك اﻷدوار وعدم استغلالها بالوقت المناسب وبالطريقة الصحيحة قد يعطل عملية التعلم والتدريب مما يؤدي الى فشل المجموعة وفشل المدرب “. تكمن المهارة الحقيقة :في معرفة نوع التدخل المناسب واستخدامه وتوظيفة بالمرحلة المناسبة وبالطريقة الملائمة ..