دعاء العواودة
مدربة ومستشار
تطوير قيادي وإداري
استعراض للمقدمة الفلسفية المقتبسة من كتاب ” فن بناء المستقبل المهني ” للمحارب صن تزو … المستقبل المهني تبعاً لاستراتيجية القتال يعتمد بشكل أساسي على (التخطيط ) والذي يتطلب أمرين مهمين هما :
*التنبؤ والتحليل* يطلق على هذه الاستراتيجية *الفوز بدون صراع* .. وتعتمد بشكل أساسي على ؛ *استخدام أو توظيف موقعك الفريد داخل البيئة التنافسية للكشف عن الفرص المتاحة*
موضوعنا اليوم ؛؛ يهم بالدرجة الأولى (رجال الأعمال ) الذين يبحثون عن *التوجية الأمثل* لاتخاذ القرارات السليمة.
ويهم أيضا كل المهتمين في بناء مستقبلهم المهني . استراتيجية القتال ،،تقدم نظاماً مميزا لا يعتمد على *الحدس* في اتخاذ القرارات وحسب بل يزيل الغموض الذي يحيط بتلك الاستراتيجية ويصوغها في مجموعة من ( المباديء الواضحة والمعرّفة )
النجاح ؛؛ كما يراه القائد صن تزو لا يكون للطرف الأقوى .. بل يكون من نصيب الطرف الذي ؛؛ *يتمتع بوعي أفضل للموقف والخيارات المتاحة* .. من لديه القدرة على ؛؛
* تحليل المواقف التنافسية
* ملاحظة الفرص
* اتخاذ القرارات المناسبة
كيف .. ستساعدني استراتيجية القتال في بناء مستقبلي المهني ؟
ستساعدك هذه الإستراتيجية على :
* اختيار الشركة المناسبة للعمل بها .
* كيفية العمل من خلالها للوصول للتقدم المطلوب .
* متى ولماذا تغير منصبك للارتقاء في أعلى المناصب .
* اكتشاف أساليب النجاح التي ستساعدك تقدمك المهني
– تميزت هذه الاستراتيجية .. بفعاليتها في حل مشاكل بناء المستقبل المهني الواعد . عندما نتحدث عن المنافسات ؛؛ فنحن نتحدث عن طبيعة لم تتغير من مئات السنين والفارق الوحيد بين المنافسة في الحرب والمنافسة بسوق العمل هو .. *نوعية الأدوات المستخدمة* و *طبيعة ميدان القتال*. يقول تزو ؛؛ أن المنافسة بطبيعتها تعتبر *نظاماً فوضوياً*. ولفهم طبيعة هذه المنافسة لابد من دراسة” *نظرية الفوضى الحديثة* ” والتي تنص ببساطة على أن هناك أموراً صغيرة جداً لا نحسب لها حساباً ؛؛ قد تُحدث *تغييرات هائلة وكبيرة* جداً في أكبر الأنظمة ، وفي أصغر الأنظمة ، ربما على مستوى الكون أجمع ..
على سبيل المثال .. فتاة تمشي في أفريقيا فتثير بعض التراب ، قد ينتهي الأمر بحدوث إعصار هائل يؤثر على أمريكا !
بمعنى آخر كل شيء مترابط .. كل شيء ؛ حدث صغير يقوم بحدث أكبر ثم حدث أكبر ثم حدث أكبر ويتنتهي المطاف بشيء كبير جداً .. ربما لا يكون التأثير مباشر فقد لا يظهر الأمر مباشرة ، ربما يظهر بعد 10 سنوات ؛؛ ربما بعد قرن ؛؛ ربما بعد 10 قرون .
يسمي العلماء هذه الظاهرة .. بتأثير الفراشة (Butterfly effect) تقول بأن “رفة جناح الفراشة في مكانٍ ما قد تُسَبِّب إعصارًا في مكان آخر من الأرض بعد عِدَّة سنين”. قد يبدو الأمر مبالغًا فيه، ولكنَّه منطقي .. فتيارات خفيفة تحت سطح البَحر على عُمق كبير أو انشقاق لا يُذكَر في قشرة الأرض .. قد تُسبِّب فيضانات شديدة وكوارث ؛؛ ككارثة التسونامي المعروفة . باختصار : نظرية الفوضى .. هي علم ” اللامتوقع ” ؛ هذه النظرية الحديثة تتأمل في التجارب اليومية والعاديّة للبشر.
*السؤال* : ما علاقة هذا فيما يراه صن تزو بأن المنافسة نظام فوضوي ؟؟ هناك *رابط مشترك* بين المنافسة كنظام فوضوي وبين نظرية الفوضى وهو ؛؛ (التنبؤ بالنتائج ) استخدم صن تزو كلمة ” فوضى ” بطريقة مدهشة وعلمية ؛؛ وعندما أكسب المنافسة طابع فوضوي فهو لم يكن يعني بأن *النظم التنافسية* لم تتطور بشكل منظم .. لا على الإطلاق ؛ هو كان يقصد أن النظم التنافسية معقدة وذاتية التنظيم بحيث تنبثق منها المناهج بصورة طبيعية ولكن لا يمكن ” التنبؤ ” بها في أحداث معينة.
بمعنى آخر .. في النظم التنافسية تحتاج لأن تكون متفتح الذهن ومتوقد الاستنتاج لممارسة التنبؤ في جميع مراحل النصر
تزو ؛؛ لا ينظر للمنافسة على أنها مقاومة و” قوة مدمرة ” كما يراها أغلبية الناس .. بل كان يرى أنها ” إحدى أهم مكونات العالم المنتج ” وأنها مكلفة ولكن ليس بالضرورة مدمرة .. إذ يمكننا أن نحد من ثمن المنافسة الفادح من خلال ( المنطق والإقناع ).
عندما نقدم على بناء المستقبل المهني .. لا يكون الهدف مجرد الحصول على أية وظيفة بل يجب البحث عن ” *المنصب* ” أيضا ؛ الذي سيفتح أمامك العديد من الفرص في سوق العمل . فلا يمكن حسب استراتيجية القتال التي آمن بها تزو أن تظل حبيسا لوظيفة مصيرية في شركة راكدة لمجرد تلقي راتب . ” الفوز بالوظيفة ” .. ليس كافيا ؛ فالهدف أن تفوز بها بأقل مخاطرة وأول خطوة لعمل ذلك تبدأ في ( الإجتهاد بوظيفتك الحالية ) .. على الأغلب أننا كبشر نصارع من أجل الوظيفة ولكن نحتاج فعلا لمواقف يكون الفوز فيها محققا وأن يكون هذا الفوز ” يستحق الثمن ” .. ولن يكون هناك فارق لو كان المنصب الذي تريد تغييره داخل منظمتك او خارجها.. فكلاهما يعتبران ” تحركات تنافسية ” يجب تقييمها بعناية قبل التنفيذ.
ينظر القائد تزو .. للمنافسة بشكل تعاوني ؛ ليحقق نظرية التعاون التنافسي ” التعافس ” والتي يرى فيها آدم براند أن الميزة التنافسية مطلوبة فهي تشكل درعا واقيا للفرد والمنظمة وتحميها من الانصهار حد التلاشي في هوية بقية المنظمات .. والميزة التعاونية تتآزر وتتكامل مع الميزة التنافسية ولا تتضاد معها إطلاقا .
لذا من الضروري أن يحتفظ الأفراد والمنظمات ” *باستثناءات تنافسية* ” تشكل ملامح المنتجات والخدمات التي يقدمونها كعلامة تجارية مميزة . وكفرد .. يمكنك الانخراط في منظمتك دون أن تلغي تلك المنظمة سماتك ومميزاتك وقدراتك الفردية .. الإنخراط مسألة حتمية لأنك لن تستطيع الفوز معتمدا على ” تصرفاتك الخاصة ” وحسب .. لسبب مهم أن ( الفرص ) يخلقها لك الآخرون أثناء انشغالك أنت في تطوير نفسك وإتقان عملك الحالي. وهنا يجدر الإشارة إلا أنك يجب أن تكون واعيا ( للفرص ) الجيدة عندما تعرض نفسها لك ؛؛ فزيادة الراتب مثلا ؛؛ لا تعد فرصة جيدة .. المهم أن تبحث عن ( المنصب ) الأكثر اتساعا وأهمية بحيث يمكنك التأثير على من حولك وتقديم المساعدة للآخرين وحل مشاكلهم.
وهنا لك أن تعلم .. أنه لا بديل لك عن ” المعلومات الجيدة ” .. المنافسة الحقيقية تعرف عند تزو على أنها ” المعرفة الشاملة المكثفة ” .. فالنصر يكون غالبا من نصيب الطرف الذي يتفوق على غيره في ( الخبرة والمعرفة ) .. حتى الإبداع نوع خاص من ” المعرفة ” . ها هم .. رجال الإقتصاد على سبيل المثال ؛ يتقاضون أجورا عالية نظير ” خبرتهم ومعرفتهم ” .. والمعرفة عند تزو أكثر من مجرد أنها معرفة ما يجب أن تقوم به في وظيفتك الحالية ؛؛ بل إنها تعني .. ( معرفة كل ما يتعلق بمجال عملك من البداية للنهاية ) . سنتعرف في الفصول الثلاثة عشر القادمة كيف أن مباديء ” بناء المستقبل المهني ” هي أفكار قابلة للتطبيق بعدة طرق وفي مواقف مختلفة .