فقراء إلى السلام
هل نحن بحاجةٍ إلى السَّلام؟ وبنسبة كم في اليوم والشهر والسنة؟
نعلم أن الحَوْل سنَة، والحولَ حال، والحول قوَّة، والحول حِيلة وضعف، وهذه سُنَّة الحياة: تحويلٌ وتبديل، ودوام الحال فيها مُحال.
على مائدة الحياة نتذوَّق الحلوَ والمرَّ، وسريعًا ما ننسى الحلوَ ويبقى في ذائقتنا الفكرية المرُّ، فنعيش ما بين همٍّ مستقبل وحزن على ماض، وحولهما سياج من القلق والكَدر واليأس والإحباط، وينتهي السياج بأشواك القهر والغضب.
كل هذه المعارك الطاحنة في ذاتنا البشريَّة نقفُ أمامها أقزامًا، عاجزين عن المواجهة والتصدّي، فتَئِنُّ الضمائر المنهكة أمام هذه الانفعالات الكفيلة بدكِّ حصون النفس وهدم قلاع الثِّقة واستئصال جذور الأمل، وسرعان ما يُنجب الألمُ النفسي ورثةً كُثرًا من الأمراض العضوية فنبدأ الشكوى، والمعاناةُ تقتلنا شيئًا فشيئًا.
فكيف نَسْلَمُ أنا وأنت من الأذى، وكيف نرفع الضُّرَّ عنَّا؟
إن طوق النجاة والسلامة بين فَكَّينا حين نستشعر معنى قولنا: “السلام عليكم”، ونتعبَّد بها في كل حين، فتأتي هذه التحيَّة إعلانًا بالأمن والسلامة، وفتحًا لأبواب الرحمة ونسمات البركة، فتأمن النفسُ، وتطمئن الروح، وتسكن المشاعر؛ فيتحقَّق السلام الداخلي، وبالتالي تنتشلنا هذه التحيَّة من مكدّرات الحياة، وتربطنا بالآخرة: ﴿ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ﴾ [يونس: 10].
ما أحوجنا للسلام على أنفسنا! وما أحوجنا للسَّلام على الأحياء! وما أحوجنا للسلام على الأموات! فنحن الفقراء إلى السلام، والسَّلام هو الله.
فالسلام والرحمة والبركة عليكم دومًا.