اقتصاديات التدريب:تحقيق العائد ؛أم تنمية الموارد….
د. عجلان بن محمد الشهري
أستاذ مشارك، معهد الإدارة العامة
________________________________________
يعد التدريب صناعة بما يتضمنه من آليات وتقنيات ومواد تدريبية، تنبئ بأهميته ما يحشد له من موازنات واستثمارات ضخمة تهدف إلى الرقي بمعارف ومهارات الموارد البشرية، وليس هناك من شك بأهمية هذا التدريب كصناعة على مجالات التنمية المختلفة سواء أكان إداريا أو فنياً أو مهنياً. ورغم ما يكتنف هذه الصناعة كغيرها من انحسار ورقي، إلا أنه في ظل متغيرات القرن الحالي من متطلبات متنوعة للموارد البشرية، وعولمة الاقتصاد والانفتاح التقني، لم تعد العديد من المنظمات الإدارية المستفيدة من التدريب قادرة على تحقيق حاجتها في تطوير معارف ومهارات الموارد البشرية لديها لارتفاع كلفة التدريب في بعض المجالات مهما بلغت استثماراتها.
كما أن شركات ومؤسسات التدريب تواجهه كلفة أخرى وهي ما ترغب أن تقدمه في هذه الصناعة من جودة ونوعية وفق أحدث آليات وأساليب التدريب، مما يجعلها أيضاً تعاني من التغير السريع في الأساليب واندماج الثقافات وتقارب البيئات مع بعضها لبعض، وهي بذلك تحاول أن تستقطع جزء من تكلفتها من خلال ما تنفقه من استثمارات في هذا الجانب لتقدم تدريباً رصيناً يفي بمتطلبات واحتياج المنشآت الإدارية، والذي يعد تكلفة تحمل على المستفيدين من التدريب.
إن اقتصاديات التدريب بلا شك تعنى بتحقيق الفوائد الممكنة من التدريب المكتسب والذي ينعكس بدوره على المنشأة الإدارية والعاملين بها، والتي تأتي من خلال منظومة التدريب المختلفة من أساليب ووسائل وآليات وقوى بشرية ومواد وموارد تدريبية وفق مقاييس ومؤشرات متعارف عليها يمكن من خلالها تحديد ما تم اكتسابه من معارف ومهارات وممارسات وسلوكيات وأداء فعال.
ورغم أهمية تقييم التدريب، ولارتفاع كلفته فإن مؤسسات وشركات التدريب والمنشآت الإدارية في حاجة ماسة إلى التعاون في تنمية مواردها التدريبية مع بعضها لبعض، و مع الجمعيات والمنظمات والشركات الكبرى في هذا المجال. وتتأتى تنمية الموارد تلك عن طريق إبرام العقود متوسطة أو طويلة الأجل، أو نقل التدريب أو التقنية لدى بعض الشركات والمؤسسات.
كما يأتي ذلك عن طريق ترشيد تكاليف التدريب الإضافية، وتسويق وتبادل القائمين بالتدريب بين المنشآت الإدارية، وفتح منافذ تسويقية لبعض آلياته وتقنياته المستخدمة من إنتاج فكري وأدلة وإجراءات عمل وتصميم البرامج المناسبة والدراسات المعنية بالتدريب، وذلك لما تمثله من روافد تساعد في تنمية موارد التدريب في المنشآت الإدارية والتي تساعد بدورها على الرقي بمستوى التدريب مما يخلق بيئة تنافسية تنعكس على المستفيد من معطيات ذلك التدريب والقائمين به.
إن تحقيق العائد من التدريب أو تقييمه ليس بمعزل عن تنمية موارد التدريب في المنشآت الإدارية، في ظل المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والتقنية المتسارعة لكون التدريب في الوقت الحاضر أصبح مقنناً، مما يتطلب النظر بإدراك نحو تكلفة التدريب، بترشيد وتقنين أدواته وفق الحاجة الفعلية، إضافة إلى التركيز على الجانب المهاري وربط التدريب بالمسار المهني والوظيفي، بما يحقق أهدافه ومهامه، إضافة إلى تجديد آلياته ومنهجيته المستخدمة والتطوير المستمر لمهارات وقدرات القائمين به.